انتحار قلم

انتحار قلم



لما طال ليله واشتد به الصقيع
التحف وليفته وغطا فى سبات عميق
فى بيات مستديم
ما عاد يربطهما بالحياة سوى تقلبهما ذات شمال وذات يمين
وذات صباح
لاحت بالأفق شمسٌ حنونة .. داعبت بأشعتها الدافئة جفونه
احتضن وليفته .. قبلها قبلة الحياة
سرت فيها أحاسيسه المتأججة ونشوة عشقه المجنون
تجملت
بصفائها ونقائها وبراءة الملاك فى وجهها
وقالت له
يا من خُلقتُ من أجله .. هيْتَ لك
استعرت أِشواقه وشب لظاها
فراح بكل موضع يلثمها شعرا ونثرا
بشهد رضابه روى ظماها
بسلاف خمرته أرداها سكرى

هذا قلمى وتلك وريقته
أو قل هذا قلبى وتلك مليكته



من نور عطائك كان يستمد وداده
من صدقك المزعوم كان ينهل مداده
فيطعم وليفةً ملكت فؤاده
شاكرا لك أنعمك .. مستقبلا بالحب أسهمك
معلنا لك الولاء .. عاشقا فى كبرياء
فهل يُقابل الوفاء بهذا الجزاء
أحين يؤمن بك تفجر ؟
أجين يخلص لك تغدر ؟
أحين يرسم وردة تحمل خنجر ؟



يا شمس قلبى الذى لدفئها هجر
يا إلها عابده به كفر
قلمى انتحر .. قلمى انتحر
نزف كل دموعه ودماءه وانتحر ساعة سحر
تأيمت وريقتى .. تيتَّمت سطورها
تخلت عن كل زينة .. صارت كئيبة حزينة
تجللت بالسواد .. أعلنت فيه الحداد



فيا شمس شتاءٍ ليس لها أمان أو بقاء
هلا أخذت دفءك المزعوم ورحلتى عن ذى السماء
واتركى لى حسرة أبكى بها شهيد الغدر وأنعى المحبة والوفاء







كانت هذه خاطرة سيطرت على خيال قلم حزين مكسور
يرثى بها ذلك المقهور المقبور
لعله يسلو فيرى أو يروى بعضا من سرور
تحياتى



.